نصوص “لفوا بينا” نتاج ورشة اليوم الواحد مع فاطمة الزهراء

الملنيل

في فبراير ٢٠٢٥، عملنا ورشة كتابة يوم واحد في مكتبة البلد مع فاطمة الزهراء، المجموعة اختاروا “المدينة” كموضوع لليوم يكتبوا عنه.



نص المجموعة:

في قطة واقفة تحت عمود النور، والشوارع زحمة ودوشة، بس لقيت قهوة هربت لها، دخلت الحارة لقيت حشيش!

سمعت صوت غنا حد قريب م القهوة، كأني في رحلة من الأحلام، أو يمكن جنب القهوة في مسرح، توقعت يكون ممثل تايه، بس الظاهر إنه بياع عايز فلوس.

الزبالة في كل حتة، ع الأرض وع السطوح، لقيت يفط مالية شارع النيل، دوشة.. زحمة وكلاكسات، مكنتش متوقع كدا لما جيت، معرفش في إيه!

الناس هنا مريضة بالخناقات، كله في المترو مستعجل، والمصالح الحكومية والفول والطعمية، والزحمة قدام السفارات، خمسين صوت جوا بعض، خمسين آذان في نفس الوقت، وأنا زي ما أكون أجنبي.. تايه، غريب في دنيا الأحلام، غربتي إني متأخر.. دايما عن كل الحواديت.

فدوى: 

وقت الانتظار فى المترو بيعلمنا الصبر وبلاقي نفسي فى محاولة لشغل الوقت بحاجة مفيدة. عادة بحب أشتري من بياعين المترو وسبحان الله بتكون حاجتهم جميلة؛ يمكن عشان بيشقوا ويتعبوا على رزقهم، وبتكون أسعارهم معقولة ومغرية جدا، فاختارت توك لطيفة مقابل مبلغ بسيط من بياعة بتصفي بضاعتها. بس يا ترى ههديهم لمين؟ وكملت الطريق والمحطات بتمر قصاد عينيا وانا سرحانة فى صاحبة النصيب فى التوك اللطيفة المفرحة دى. لكن فكرت ليه مهاديش بيها روحي واكافئني على الصبر والوقفة كل يوم فى عربيات المترو الزحمة بكل أنواع البشر! ولا أقولكم.. ههديها لأقرب بنوتة صغيورة هشوفها أول ما أخرج من باب محطة المترو.. يمكن بفرحة عيونها أنسى تعبي طول اليوم.

خالد:

بمشي معاك في كل وقت، عندي مكان فاضي ليك، حياتك معايا. كل الناس معاها زيي، بس أنا ممكن أكون أحلى، أغلى، أو حتى أرخص. تشوفني في الشوارع، بألوان زاهية وشياكة، وليّا إخوات وأهل من زمان. أنا حكاية طويلة معاك، ومكملة.

عرفت أنا مين؟

بسمة:

قد الكف ويلف الدنيا لف. فرصة مناسبة لعشاق الحركة البطيئة وتفويت المواعيد، خاصة مع توافر تخانة الجلد الكافية لاستقبال غضب الصحاب. 

نوم وانتظار وإذاعة الدولة الرسمية. هتبقى فرصة لطيفة لو بدأت يومك بشوية “عبد الحليم” أو حظك يبقى عثر كفاية بدرجة إنك تلاقي نفسك بتسمع “القريب منك بعيد” مفيش أي لحظة ممكن تكون مناسبة لسماع نجاة عمومًا. 

الأكيد إنك هتبقى محظوظ فعلًا لو ظهرت في الوقت المناسب. 

مونيكا:

بحتاج وجوده عشان أشعر بالأمان، أو بوجود مكان ليا، لأنه هو اللي بيأكد على وجودي في المدينة، وهو اللي بيثبت أقدامي في المكان. أوقات كتير بيشجعني إني أتحرك وأروح مساحات أوسع من مساحاتي الحالية. المدينة دايما محتاجه شخص ثابت ومثابر عشان يقدر يستمر في عيشته فيها. لكن وجوده معايا بيساعدني أقلل من قلقي تجاه حاجات مش المفروض أكون قلقانة منها أصلا. شىء غريب إن قبضة إيدي عليه تحسسني بالإطمئنان والسكينة، وشئ أغرب بكتير إن المدينة تزرع فيا القلق دا كله، أتمنى نتصالح قريب.

ميراي:

مبقتش احب الستيكرز زي زمان وأنا صغيرة، ولا مهتمة بيها، بس الظاهر إني بحبهم لما بيعنولي شئ. بصراحة مش فاكرة كنت هستخدمه في إيه، بس أنا فاكرة إني أخدت إتنين كمان مش واحد. بس وأنا ببصله هنا ودلوقتي مش عارفة لو عايزه استخدمه، ومش عارفة لو فارق معايا لأني عارفة إنه في وقت ما مش هيبقي فارق، وإنه أصلا مش موجود. بس أنا هعتبره موجود وهشوف هوصل لحد فين. بالنسبة بقي لاختياري له فهو لكونه ذكرى لاكتشافي لجانب جديد في القاهرة غير نظرتي عنها، والتي تكاد أن تكون مؤقتة.

مريم:

هو صاحبي اللي أقدر أعتمد عليه وأنا في زحمة ودوشة المدينة. لو تهت بيعرفني السكة. ولو نفسي في كوباية قهوة هيقولي على قهوة/كافيه قريب مننا. أي نعم عمره ما عزم ولا حاسب مكاني، بس على الأقل أفكاره حلوة. لو قاعدة لوحدي هيسليني بأغنية أو أخبار من أي حتة. ويقدر ينبهني لو المكان اللي عايزة أروحه مقفول بدل ما أضرب مشوار على الفاضي. وفي آخر اليوم لو احتست ومش لاقية حاجة توصلني، بيجبلي تاكسي يرجعني البيت. صاحبي ده هو أمان بالنسبة لي في أي نزولة للمدينة، ومقدرش أنزل من غيره.

نصوص الشارع

التمرين كان إن كل مشارك يكتب نص بصوت جماد أو كائن حي في الشارع مالوش صوت، يعني أي شئ ما عدا إنه يكون إنسان.

 

فدوى:

الست الطيبة دي كل يوم تيجي تبص عليا! بصراحة الجاكيت الفرو اللي أنا لابساه يستحق الإعجاب.. بس وبعدين؟ هيفضل ملازمني طول الشتا؟ محدش ناوي يتعطف ويشتريه؟

فين أيام زمان لما كنت لسه جديدة فى عالم المانيكان، كنت كل يوم بلبس فستان شكل، أيام ما كان فيه ناس معاها محافظ مليانة فلوس وبتجيب كل ما تتمناه! 

أنا قريب ناوية مركزش مع الناس لحسن اتجنن من كل اللي بيتفرجوا ومش بيشتروا دول. بجد مليت الحبسة ورا الفاترينة الإزاز وشاغلني المانيكان الراجل أبو بدلة سودا اللي قصاد مني فى الناحية التانية من الشارع، وسيم الشهادة لله بس معندهوش إمكانيات، غلبان زيي.. فاكرينه مبيحسش لكن محدش داري بيه غيري أنا وبقية الزميلات! الأمر لله.. ما هو رغم كل شيء جوايا قلب بيسبح بحمد الله.

خالد:

بص يا باشا، أنا محل أكل، والناس طبيعي تيجي تاكل عندي، بس الحكاية عندي مش جديدة، من زمان والطوابير واقفة والزحمة ما بتخلصش. اللي بيميزني؟ إني أقدر أخليك تاكل وتحلّي، أو تاكل بس، أو حتى تحلّي بس!

اسمي متشال على يفط وإعلانات بقاله سنين، مش من النهاردة. بدأنا بعربيات صغيرة في الشوارع، وكبرنا وبقينا محلات معروفة. كنا بنجمع الناس على الأكل الحلو والذكريات الحلوة. بس الزمن غدّار، والناس بدل ما تيجي لنا، بقوا يجروا ورا محلات مفيهاش ريحة الأصل.

بس إيه؟ الدنيا دوّارة، ومسيرها تروق وتحلى، وترجع المحلات لأيامها الحلوة من تاني!

بسمة:

الدنيا ولّعت. بقضي يومي من القهوة دي للسطوح ده للشجرة دي. شقيان يا ناس ونفسي في علبة تونة نضيفة. معرفش ليه الناس هنا بتاكل القرف ده. وليه على طول قافلين الأبواب والشبابيك؟ طاب واللي عايز يتعشى يروح فين؟ وإيه الحواوشي اللي بتاكله ع القهوة ده يا بني آدم؟ مش معنى إني جعان إني أنزل بمستوايا للدرجة دي.

ده حتى البت “سونيا” اللي كانت بتسيبني أبوسها ع السلم جالها جرب وقشفت وبقى شكلها يصعب ع الكلاب البلدي. 

سبت اللي ورايا واللي قدامي في قرية “ميت قط وقطة” عشان خوف الناس على طيورها رشّق الدنيا مصايد، جيت هنا لا لقيت فيران ولا حتى شبابيك مفتوحة..

مريم:

أنا بقابل ناس كتير في يومي وهما مش واخدين بالهم مني أوي. طلبة بتعدي عليا وهما رايحين مدارسهم، موظفين طالعين مكاتبهم، راجل كبير مستني الأوتوبيس ييجي، بياع فرش حاجته عليا مستني رزق يومه. اتنين واقفين بيتخانقوا. واحد بيكلم صاحبه على التلبفون عني  ويقوله “أنا مستنيك عند الرصيف الفلاني”.

بالنسبة لناس كتير، هما مش فاكريني، بس بالنسبة لناس تانية، فأنا بفكرهم بأول “بحبك”، وأول تليفون “مبروك اتقبلت معانا”، أو “البقاء لله”. حواديت كتير ومبتخلصش ومش هتخلص. كان نفسي بس أعرف أكلمهم وأحكيلهم ويفهموا.

ميراي:

بهايم، بجد بهايم… اللي ماشي واللي سايق واللي.. ايه ده؟! مش عارف بيعمل إيه أساسا. ما تعملولي أي اعتبار يا جماعة، هو لازم حوارات يعني! ده حتى اللي بتكتب دي بتفكسلي. بس بصراحة بتسلى هنا شوية، العبث بيضحكني ساعات وخناقتكم مضحكة لو اتفرجتوا عليها من مكاني. كويس اني بنظر عليكم من فوق، لو كنت نزلت لكم كنت اتشليت عامة. هو لو كنت هنا بدري شوية.. قبل ال١٠٠ مليون ولا معرفش كام دول، تقريبا كان هيبقي الوضع أسهل شوية، عليكم يعني انا مليش دعوة، أنا كده كده في الآخر هبقى واقف بتفرج، على كل حاجة بقى.

مونيكا:

بحب النهار علشان بقدر اشوف بوضوح كل الشوارع. أنا اساسًا نظري شيش بيش على قدّي خالص، وفي النهار كمان بتعامل مع ناس اكتر علشان كدا بحب اطلع الصبح بدري أسعى وأشوف ممكن أعمل إيه طول اليوم علشان أكل واشرب. 

اكيد مش كل يوم هيكون حظي ضارب في السما واقدر آكل لحد ما اشبع وأملا بطني، لكن اهو اديني بحاول وافرك، حتة عيش من هنا على عضم فراخ من هناك وأهي بتمشي. 

ساعات بحب البني ادمين لما يحنّوا او يطبطبوا عليا. بتعجبني المفهومية إننا كمان بنحتاج حنية واحضان زيهم، مش شرط يدوني اكل يعني، رغم اني مش غلس ولا عيني قوية وبهبش الأكل زي القطط، لكن برضو كتير منهم بيديني اكل كتير. 

الشوارع زحمتها بتخفّ بليل ونظري كمان بيخفّ معاهم، علشان كدا دايمًا بدوّر على حتة هادية ودافية في الشتا، وحتة تانية طراوة في الصيف علشان اعرف أنام كويس ومرتاح.

يا ريت لو كانوا البني ادمين بيفهموا قد إيه المدينة والشوارع مش قاسية عليهم لوحدهم، وإن إحنا كمان نولنا من الحب جانب.

التمرين دا كان إننا نتخيل المدينة شخص، نرسم صفات شخصيته ونحط له اسم ونكتبله جواب.

 

جواب للمدينة.. عزت

 

إزيك يا بابا؟

كان نفسي أقولك إزيك يا زوز زي زمان، وحشتني رغم كل شئ، النهاردا ذكرى وفاة ماما ففكرت إنها مناسبة ينفع نتكلم فيها، ماما كمان وحشتني جدا، ومتأكد إنها وحشتك.. لسه بتعمل نفسك ناسيها ولا بقيت بتعترف؟

صورة فرحكوا مش بتفارق المراية، ببص أشوف وشي كل يوم وبقابل وشوشكم في مرايتي.

كل ما أكل كيك بالبرتقال أفتكر يوم الجمعة وقعدتنا في البلكونة بعد الصلاة، ولما اسمع فريد في الراديو ويجي صوت العود بفتكر زمان محاولاتك إنك تعلمني أعزف زيك وزيه، لكني مش فنان، أو يعني كنت فاكر كدا وقتها.

كان نفسي أعمل حاجة تعجبك، أو أحس إنك راضي عني، كان نفسي تسمعني ساعتها، بس البرمجة برضه مش وحشة أوي، وبالأخص إنه حلمي وإني شاطر جدا فيها.

الجو برد هنا أوي يا بابا، بفتقد شمس القاهرة، وكوباية الشاي بلبن بتاعت نفس الجمعة، وخروجة السينما كل أسبوع، دي عادة لسه محتفظ بيها لو دا هيخليك سعيد، لازم كل أسبوع أشوف فيلم، وأتمنى إنت كمان تكون لسه محتفظ بيها. 

هو صحيح التطوير اللي بيحصل في الشوارع دا؟ أنا بشوف حاجات ع النت غريبة أوي.. طب وإنت؟ مش بتفكر تجدد وتغير إنت كمان؟ لسه المحل أصلا شغال؟ 

أتمنى يكون لسه شغال، أوعى تبطل تبيع أنتيكات، دي أكتر حاجة مناسبة ليك.

واللي بتمناه في مرة إنك ترد عليا.

 

سلامي لشلة القهوة وبالأخص عمو شفيق، وحشتني العسلية اللي كان بيديهالي كل ما يشوفني زمان.

خلي بالك من نفسك



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *