الكثير من الحصى – هاجر عبد الماجد وعزمي

الملنيل

 

 

 

نص: هاجر عبد الماجد

رسم: عزمي

 

 

ترى الأرضَ والشجرَ والشمسَ والقمرَ والهواءَ، ترى كلَّ هذا يتلألأ بألوانه، ولا تشعر إلا بالتراب في حلقك، بالغصة في قلبك، وبالموت أمام عينيك.

أخبرتني الطبيبة أن ما أشعر به يُسمى اكتئابًا. هل لهذا الحجر في حلقي اسم؟ وهل للثعابين في عقلي اسمٌ كذلك؟

عشرُ سنواتٍ كنت أظنُّ أنني أشعر بضيقٍ لسببٍ ما خفيّ، فهل له تفسير؟ وإذا وُجد تفسير، هل كان من الواجب أن أتوقف عن المراهقة وأبدأ العلاج؟ لا أظنُّ أن هذهَ هي الحياة التي تمنّيتها. أنا التي أحبُّ الحياة، لكنها لا تبادلني نفس المشاعر؛ توقعتُ أن يكون هناك ما يعوّضني عمّا سبق، لكن لابدّ أن أتخلّص مما تركته الحياةُ بداخلي لكي أحظى بحبِّها. أنا الكائنُ الذي لم يفعل لها شيئًا سوى أنه يريد أن يعيش.

عندما كنتُ صغيرةً، كلما رأيت نجمةً تضيءُ كنتُ أتصوّر أنها تُنير لي شيئًا لا أراه بعيني. مع الوقت كبرتُ ونسيتُ أن كلَّ شيءٍ مخلوقٌ ليُعيننا ويُنير لنا شيئًا، ليس بالضرورة طريقًا، قد تكون فكرة أو إحساسًا. في اللحظة التي استعادَتْني فيها تلك الإحساسات، كنتُ مع صاحبتي التي كانت نائمةً على كتفي؛ هَدِير، صاحبتي منذ أن عرفتُ معنى الصداقة. هَدِير ذلك الشخص الذي يُنير لي الأشياء، ليس لأنه يُفتح لي عيونًا على مناظر، بل لأنه يقبلُ مني ما لا يقبله أحد، فيمنحني أملًا في الحبِّ والحياةِ والتقبُّل، لمفعلٍ تلقائيٍ لا يُحسب له ثمن.

أخبرني الأطباءُ أنه لا عِلة في ظهري بعد شكاوٍ متعددة، وأدويةٌ بدأت الآلام تتسرّب إلى كتفي، ومع ذلك لا شيء ظاهريًا! ما الذي قد يجعلني أتألم إلى هذا الحد؟ تساءلتُ حتى وجدتُ الإجابة: إنني أحمل قلبي على كتفي. هذا الحملُ هو السبب؛ معدةٌ خاويةٌ وجسدٌ مُرهَق يحمل قلبًا مثقلاً.

تظنُّ أنّك تعلم، لكنك حصاةٌ في الأرض. اُنظر حولك: هناك الكثير من الحصى يَظنّون أنّهم يعلمون. ما نحن هنا من أجل العلم فحسب؛ نحن هنا من أجل التجربة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *