ملنيل ع الآخر
منصــــــــــة الكترونيـــــــــة تناقـــــــــش موضوعــــــات جيـــــل الملنــيل بنيــــــلة
لولو تشعر بالملل – نصوص ورشة الكتابة الإبداعية مع فاطمة الزهراء
نص المجموعة:
أنا زهقت من المواصلات. واقف في طابور طويل ومتأخر على الشغل، والمكتب بقى يخنق. كل اللي نفسي فيه دلوقتي إني أنام!
زهقت من الروتين ومن الناس، وصوت أم كلثوم في القهوة بالليل بيزود إحساسي بالوحدة. دماغي زحمة تفكير وحيرة وخوف من التعبير. نفسي أهرب من القلق والزحمة وأروح البحر.
مستني نهاية اليوم عشان أقابل صحابي على القهوة ونتفرج على ماتش في الدوري المصري… ومفيش أبشع من كدا.
وفجأة، خناقة كبيرة قامت، والناس كلها بتزعق… آه، طلع في أبشع من كدا.
بس في وسط كل دا، كنت بفكر في حبيبي. وها أنا راجع تاني لقعدة البيت لوحدي. يمكن لو كنا لسه سوا، إحساس الوحدة كان قلّ. يا ترى كنا هنطلب دليفري إيه النهاردا؟
دلوقتي بفتح التلاجة بدل ما أفتح الباب عليه.
هو أنا جعان فعلًا؟!
كل ليلة بدوّر على حاجة تلهيني من كتر الزهق والاعتياد اللي أنا غرقان فيه. أطلب من طلبات ولا بريدفاست؟
بعت لصاحبي أسأله رأيه… سابني ع الـ seen. هي ناقصاك إنت كمان!
خناقة كبيرة جوا دماغي على حاجة تافهة. أهي دي آخِرة الزهق… شكلي في الآخر هنام جعان.

جوابات إلى الملل:
في التمرين دا، المشاركين والمشاركات بيتخلوا موضوع المورشة شخص وبنبدأ سوا نرسم شخصيته، والتمرين اللي بعده بيكون إن كل مشارك بيتخيل نفسه على علاقة ما بالشخص دا وبيكتب له جواب من موقع علاقته بيه.
الورشة دي الموضوع كان “الملل”. وفي الصورة اللي فوق دي وصف المشاركين لشخصية الملل.
أحمد رجب:
بكتبلك رسالة أشكرك فيها على كل لحظة عشناها سوا، عشان ساعدتني أشوف الدنيا بعيونك.
فاكر لما اخترتني؟ فاكر أول يوم دخلت المكان، ووقفنا سوا قدام المرايا، وابتسمت من جنب بوقك، عرفت وقتها إن عمري ما هسيبك.
فاكر لما خرجنا سوا أول مرة وكأن كل ألوان الدنيا اختلفت؟ الشوارع، البيوت، حتى لما وصلنا البيت وسبتني وروحت الحمّام والنقطة بتاعتك جت تشمشم فيا وتلحسني…
وعلى فكرة، خربشتني كمان، بس مزعلتش، عشان عارفة إني معاك من أول ثانية في يومك لحد نومك، وإحنا سوا، وإنت بتقرا، تكتب، وكل حياتك المملة دي، مع زرعك الميت اللي فرجتني عليه.
أنا نفسي ترجع تهتم بيا زي زمان وتاخد بالك مني، وتبطل ترميني وترجع تقعد عليا.
هستناك ترجع وتاخدني، ونرجع نسهر ونشوف بنات سوا زي ما بتحب.
بكل الحب،
نضارتك.
إسلام سعيد:
إلى رفيقي:
يوم ٢١ يونيو ٢٠٠٥
دا اليوم اللي شوفتني فيه، وفاكر عينيك منزلتش من عليا.
أصلي عارف، لون الدهب اللي فيا بيخطف.
وقعدت تسأل: مين؟ ويخص مين؟
ودخلت أول مزاد ليك وفضلت تزود لحد ما كسبتني.
اليوم دا جبتني أنا وشمعدان المنسترلي.
حبتني من أول يوم، وأنا احتضنتك. كل قعداتك ونومك مكنش إلا عندي، إلا في نهاية اليوم كنت بتدخل الأوضة.
روتينك مكنش بيتغير: قراية وكتابة في أوضاع مختلفة، بس كنت حاسس معاك وقتها بالحياة، وكنت بحسها أكتر لما كنت بتلعب إنت وبوسي، وبوسي بتخربشني بضوافرها فيا.
لكن النهاردا، أنا مليان تراب، ومحدش بييجي جنبي، وعليا كمية كتب مش قادر أستحملها.
الحقني قبل ما أنهار، ورجعني معاك للحياة.
عاليا الفقي:
صحيت مستنية منك رسالة.
يمكن بدري عليك شوية؟ مبقتش عارفة إنت بتصحي وبتنام إمتى، بس عادي، كل واحد فينا ليه حياته، صح؟
هقوم ألهي نفسي بأي حاجة لحد ما تظهر.
“صباح الخير يا عاليا، عاملة إيه؟”
“صباح الفل، كله تمام.”
برد وأنا بفكر في أول مرة قابلتك فيها، ونسيت أصلًا أسألها هي عاملة إيه.
هعمل البيض وأنا بفكر في أول مرة شفت فيها الحب في عينيك.
هاكل وأنا بتخيل إنك ماسك إيدي وبتشكرني عالفطار.
هلبس وأنا حاسة قد إيه إنت مضايقني.
هنزل وأنا مضايقة إني مش عارفة أتكلم معاك.
طول اليوم واخدني وجايبني حتى وإنت مش موجود.
أخيرًا رديت: “صباح الخير، أنا برة.”
“آه فعلًا، إيه هتعمل إيه فـ يومك؟”
…… مفيش رد.
هكمل يومي عادي، مش لازم يرد عليا طول الوقت.
أكيد هو لسه بيحبني، صح؟
ولا فيه حاجة غلط فيا؟
لا لا، أنا من الأول وأنا حاسة إن في حاجة غلط، لكن أنا اخترت أكمل.
الصورة كانت ناقصها حاجة، وأنا كنت عارفة إيه هي.
رد عليا:
“إنتِ كويسة؟”
“محتاج أتكلم معاكي في حاجة. أنا بحبك، لكن الصورة كانت ناقصها حاجة، وأنا كنت عارف إيه هي.”
فادي سامي:
عزيزي الملل،
وحشتني أوي. من ساعة ما سيبت البيت وأنا حاسة إني سيبت مكان أمان ومميز.
عمري ما كنت مفتقدة الهدوء بتاع بيتك.
مفتقدة طلتك كل يوم الصبح، عليا تتأكد إني في مكاني وتتنفس.
لو اتوسخت… لسنين اتعودت أبقى بين جيوب الناس، جنب قلوبهم، أسمع دقاتها اللي تشبه دقاتي، بس من غير ما أشوف النور.
قرب مزيف، معاك إنت كان أول مرة أحس بقرب حقيقي، رغم إنه ممكن يبان من أول وهلة إن العيشة معاك جافة ومملة، ولكن بالنسبالي أنا، كل يوم كنت بلمس فيه اهتمامك بيا، كنت بحس قد إيه الحياة بتبقى أجمل.
حاليًا رجعت تاني، بشوف النور قليل، وغالبًا مش هلاقي تاني اهتمام زي اهتمامك.
أتمنى تسمح الظروف مرة تانية، ونتقابل، حتى لو صدفة.
وحتى لو مبنتقابلش، فأنا واثقة إن المعزة هتفضل موجودة.
عزيزي الملل، شكرًا لإهدائي أجمل أيام حياتي.
مويرة علي:
يا فادي،
بكتبلك عشان كان لازم أصارحك باللي جوايا.
ماكنتش أتخيل إن بعد ما تقابلنا، وخدتني معاك، وقعدنا سوا سنتين، إنك تقرر تتخلى عني لمجرد إنك كنت بتمر بفترة مادية صعبة.
واتفاجئت لما شفتك في نفس المكان بعدها بسنة.
أيوه، دا كنت أنا…
إنت ماعرفتنيش، وقربت مني، وأنا مشيت معاك لتاني مرة، لأني للأسف معرفتش أعمل غير كدا.
متفاجئ إنك ماعرفتنيش؟
أنا وصلت لنفس النقطة تاني، بسبب مشابه، لإن للأسف اللي زيك كتير، مش بيتعلقوا بأي حاجة، وفي أي لحظة بيبيعونا.
يارتني كنت زرعة من الزرع اللي عندك، ساعتها كنت هابقى لسه معاك، وماكنتش هابقى جزء من إزالاتك السهلة.
أنا بكتبلك عشان أعرفك إني مش متضايقة إنك كسرتني بالشكل دا، على الأقل وصلت لحتة مستقرة في رحلتي في الحياة.
أتمنالك الاستقرار مع اللي بعدي.
مونيكا منصور:
ماما قررت إنها تكتب لك جواب، وقررت إن أنا كمان أكتب لك جواب عشان أقولك فيه حاجة.
أنا مش مهتمة أكتب لك جواب، ولا إنت مهتم تسمع مني.
بيتهيألي إنت مهتم تسمع نونوة قطتك أكتر مني، بس يعني يا رب تكون كويس، وبتاخد بالك من صحتك وزرعك.
بما إنك لسه بتجمّع خرايط، أحب أقولك إننا لسه موجودين في نفس الولاية، لكن ماعتقدش أبدًا إن خريطة البيت هتكون معاك.
إحنا هنفضل كدا كدا في عوالم مختلفة.
عادي، مش فارقة، هنا من مدينة نصر.
لسه بتجمع حاجات كتير ملهاش لازمة برضو؟
المهم تكون كويس، وعارف تبقى كويس مع نفسك.
نعمة خالد:
صباح الخير،
ببعتلك الرسالة دي الصبح مع جورنالك عشان أتأكد إنك هتقراها، مش هتخاف تفتح الباب وإنت مش عارف مين برا.
اخدت بالي من فترة إنك بدأت تنقل أنتيكاتك في مكان تاني.. هو إنت ماشي؟
أتمنى متمشيش. فاهمة جدًا إن ممكن أكون خنقاك ومزهقاك شوية، بس يعني إنت عارف إنه مش بإيدي.
أنا مختارتش دا، دا وضع مفروض عليا.
لو خلاص هتمشي، فمحتاجة أقولك حاجة:
محتاجة أقولك أنا قد إيه مهتمة وبحبك رغم ظروفي.
الجنينة في البلكونة بقى شكلها حلو أوي، إنت مش متخيل دا بيفرق معايا إزاي.
أظن دي من الحاجات القليلة اللي لسه مخلياني متماسكة…
إنه في وسط كل دا، بتقدر تعملي حاجة حلوة.
مستغربة شوية إنك ماشي، عشان عارفة قد إيه مبتحبش التغيير، بس يعني لو دا هيساعدك تكون أحسن، معنديش مانع.
بس أرجوك لو هتمشي، سيب الزرع.
دي هتبقى آخر حاجة حلوة ممكن تعملها لي.
بالتوفيق في حياتك الجديدة.
مدينة نصر.

في التمرين دا، حطيت لهم جملتين المفروض يختاروا جملة منهم.. يكتبوا نص والجملة دي تكون نهاية النص دا.
“الصورة كانت ناقصة حاجة وأنا كنت عارف إيه هي”.
“اكتشفت إن البطاطس أهم من الحب”.
أحمد رجب:
في بداية كل سنة بحب أكتب أحلامي في السنة الجديدة، هكون فين وهبقى إيه، مش مهم، بس دايمًا الإحساس إن لازم يبقى عندي أهداف كل سنة كان هو الهدف.
برسم لنفسي صورة في خيالي تخليني قادر أكمل، أحلم، أواجه؛ والمواجهة دايمًا هي القرار الأصعب في قصتي، عشان هضطر معاها إني أختار حاجات ممكن تأثر على كل حياتي، وهل هقدر أختار نفسي فيها ولا لأ.
أهدافي كان دايمًا إحساسها الوهم، وقصتي كل دا عايشة في خيالي.
وعارف إن السنة الجاية هحاول تاني، وهكتب، وهرسم الطريق صح حتى لو مش كامل. بس المرة دي، عرفت إن الصورة كانت ناقصة حاجة، وأنا كنت عارف إيه هي.
إسلام سعيد:
راجع لبيتي ماشي، شوية أمشي وشوية أقعد، من وسط الجنينة بنزل على سلم الجنينة القديم والمهجور، بلمس السلم الحديد المصدي من الزمن، وبكمل ماشي لحد ما أوصل البيت.
بدوّر على حاجة بس هي تايهة مني؟ مش عارف إيه بالظبط اللي بدوّر عليه؟
بسكرول شوية، بشخبط شوية، أفتح التلاجة وأقفل التلاجة.
روحت عند المكتبة أدور على كتاب أقرأ منه شوية، بس عيني راحت لألبوم صور قديم، فتحته وغصت فيه شوية، هروب من الواقع إلى ما مضى، حكايات على حكايات وحضور لحظات بعينها.
وقفت عند صورة من الألبوم لما كنت صغير، تقريبًا مرحلة الـ KG، كان معايا أصدقاء من الطفولة كتير في الصورة، لقطة جميلة وفيها ذكريات، بس الصورة كانت ناقصة حاجة، وأنا كنت عارف إيه هي.
فادي سامي:
في السجن عرفت عم حمدي، عمري ما عرفت تهمته كانت إيه، ولا حد عرف.
كل ما يتسأل كان يغيّر التهمة، والمشترك بينها إنها تهم صغيرة وجنح.
مرة يقول سرقت حبل غسيل، أو اتخانقت مع مكوجي وشرحت له وشه، أو شتمت رتبة كبيرة.
في يوم بالليل، وإحنا زهقانين، قعد وفضفض، فضفضة مساجين، وقال لي بصوت عميق:
“الحب يا بني هو السبب إني بينكوا هنا.”
وحكى لي عن سماح، البنت الجميلة اللي حبها في حارتهم.
صادف إنها بنت أكبر تاجر بطاطس في المنطقة، وهو حرامي، ومع ذلك دا موقفش حبهم.
ورغم رفض أبوها ليه لما اتقدملها، عم حمدي قرر يقوم بفعل بطولي.
استنى لحد ما الليل جه، وقرر يسرق عربية البطاطس بتاعة أبوها.
طبعًا بقت فضيحة، وخسر حياة الحرية وحبيبته مرة واحدة.
عم حمدي حكى والدموع مغرقه عينيه، كانت أول مرة أحسه صادق فعلًا.
لكن عمري ما عرفت اتقبض عليه إزاي، ولا حبيبته راحت فين، وليه ما زارتهوش كل دا.
وأنا سرحان في حكايته، ولسه هسأله، لقيت شخيره مسمع آخر العنبر.
وقتها ضحكت، واكتشفت إن البطاطس أهم من الحب.
مويرة علي:
البطاطس بتمصّ الملح الزيادة اللي في الأكل.
هل أنا زي البطاطس؟
البطاطس موجودة في طبيخ كتير، كعامل مساعد جنب البروتين.
هل أنا بشوف نفسي كدا؟ عامل مساعد؟ بمتصّ التوتر الزايد في الإطارات الاجتماعية؟
عبء كوني بطاطساية خلاني أبطل أتواجد في إطارات اجتماعية.
زهقت من دوري كبطاطساية، وتعبت منه، وبقيت برفضه مع ناس معينة أو مع حد واحد.
بقيت بطاطساية قاعدة لوحدها في البيت، في بيت مفهوش بطاطس بقاله أسبوعين عشان مش بطبخ.
في اليوم اللي بقرر أتغلب فيه على كوني في الحالة التأملية المتكررة البضان، بقرر أدخل المطبخ وأقشر بطاطس وأعمل إندومي مع بطاطس محمرة.
أو ممكن أتغلب على الحالة دي برضه إني أتكلم معاه، بس بزهق وأنا بتكلم، عشان دا مش دوري كبطاطساية.
النهاردا دخلت المطبخ ولقيت بطاطس، واكتشفت إن البطاطس أهم من الحب.
مونيكا منصور:
فيروز غنّت: “في أمل، أي، في أمل. أوقات بيطلع من ملل.”
هل وقتها كانت مجنونة؟ ولا عندها أمل فعلًا؟
هو إحنا ليه صحيح مطلعين سُمعة سيئة على الممل؟ بل وبنشوفه صفة كريهة وصاحبها دايمًا منبوذ؟
يمكن علشان طول الوقت عايزين دوشة حوالينا؟
الدوشة أمان، والسكوت والملل فضيحة.
محدش عايز يبقى ممل.
العالم طول الوقت بيقدم لك فقرات. كلنا فقرات.
Get ready with me، تعالوا معايا احكي لكم كذا.
لكن محدش أبدًا بيكلمنا عن الملل (الضيف التقيل).
محدش بيقول لنا إزاي نعيش ونتعايش معاه.
إزاي نحبه ونصاحبه؟
إزاي نعتاده كالمهام اليومية؟
حتى المملين، محدش منهم شجاع كفاية يطلع يقول لنا نعمل إيه!
هل الملل هو الفيل اللي في الأوضة طيب؟
عامّةً، واضح إنها مشكلة كبيرة، ومحدش فينا عايز يواجهها بكلمة واحدة.
الملل أحيانًا بيكون صديق كويس، مهم لوجودنا ولاستمراريتنا، مهم علشان الصورة تكمل من غير قص ولزق.
الصورة دي ناقصها الملل، وحاجات تانية معاه.
الصورة ناقصة حاجة، وأنا كنت عارفة إيه هي.
نعمة خالد:
من ساعة ما مبقتش موجودة، كل يوم بقف قدام دولابها، بخاف أفتحه.
زهقت، وحاسة دايمًا بتقلّ إني آخد الخطوة دي.
الزهق بيقتلني كل يوم، بس ساعات ضيق الملل بيكون أرحم من وجع المعرفة.
قبل ما تمشي، سابتلي رسالة أنا متأكدة إنها في الدولاب.
النهاردا استجمعت شجاعتي، وحاولت أدور عليها.
وفي وسط كل مشاعر اللخبطة، وقبل ما أستسلم إني ملقتش اللي بدوّر عليه،
لقيت ظرف مكتوب عليه اسمي.
كتبالي فيه هي قررت تمشي ليه.
الظرف كان فيه صورة، مفروض إنها لينا كلنا،
بس حتى الصورة كانت ناقصة حاجة، وأنا كنت عارفة إيه هي.
في التمرين دا المفروض يعملوا فرضيتين عكس بعض في جملتين ويحطوا الجملتين دول في نفس النص، زي مثلًا:
“أنا بخاف من الوحدة – أنا محتاج أكون لوحدي”.
أحمد رجب:
أحلى لحظة في حياتي كإنسان نباتي بحس بيها، وأنا بدبح أول خروف في اليوم، بالتوازي مع إحساس بالاشمئزاز من الناس اللي بتشتري اللحمة دي.
إزاي قادرين يعيشوا وهما عارفين إن الحيوانات دي لسه مدبوحة؟ كل ثانية ببص في عين الخروف أو العجل وأنا داخل أدبح، بحس بصوت داخلي بيقولي: “سن السكينة سن المقص”، وببقى سعيد جدًا؛ يمكن عشان اتعودت أفصل بين الشغل والحياة الشخصية.
وبستغرب من الشخص اللي بييجي يقاطع تفكيري ويقولي عايز حتة طرية من الكتف، معندوش إحساس بالأرواح. طب ترضى الخروف ياخد كتفك ويسيحه على الجريل؟
صحيح، كل اللي يعجبك والبس اللي يعجب الناس، بس نحس بالناس اللي بتخاف على الأرواح.
إسلام سعيد:
حلوة حياة الكائنات الحية التانية، نتعرف عليهم ونقرب منهم ونشوف من خلالهم شكل أو أنماط تانية من الحياة. بحب الطيور وبحب القطط.
فكرت مرة أقرب أكتر وأجيب قطة أربيها عندي. مستنياك بليل، واقفة على الشباك أو الباب في انتظارك، تاكلها وتلعب معاها وتشوفها وتتعرف عليها وتكتشف إنها مش خالية من المشاعر، بالعكس تمامًا، أحاسيس وردود فعل مطابقة — مشاعر خوف وحرج وغضب وغيرها.
أيام، لكن هما مسؤولية كبيرة… روح!
تربية حيوان أليف في بيتي حطتني قدام أسئلة كتير في دماغي، لكن بعد فترة اكتشفت إن عندي حساسية من القطط والحيوانات الفرو، وصعب عليا أعيش معاهم في مكان مقفول.
عاليا الفقي:
بقعد على كرسي البيانو، وألمس كل مفتاح. أسهللي إني أغمض عيني عشان أحفظهم كويس.
شوية مفاتيح مقشرين، فبحاول أخلي إيدي خفيفة عليهم. كل ما تبقى خفيفة أكتر، كل ما أحس بيها في صوابعي، وكل لما أتقل، أحس بيها في جسمي كله، وبينتهي الإحساس في رجلي؛ على طول بينتهي في رجلي.
ما عدا الـ E، على طول في بطني وفي صدري، مهما كانت خفتها أو تقلها.
ساعات بفكر لو كنت بسمع، كنت هعرف أحس بالمزيكا كدا؟ أظن صعبة.
فادي سامي:
من وأنا عندي ١٤ سنة لقيت راحتي وأماني في الأفلام، ألف عالم وألف علاقة وقصة، نرمي روحنا فيهم ونهرب من عوالمنا القاسية.
مش دايمًا العوالم تبقى أحلى، أحيانًا تبقى شبهنا ويمكن أقسى من عوالمنا.
بحس كل حد بيحب السينما عنده لحظة “الأورا”، لحظة من الوجدة: “هو دا ملاذي الأخير، هو الصور والناس دي وحياتهم اللي بنتلصص عليها في ساعة ونص أو أكتر”.
بالنسبة لي، اللحظة دي جات أول مرة شوفت فيها إسكندرية ليه؟ خلصت الفيلم وأنا بعيط وبفكر في المراهق الصغير على المركب وهو مسافر وبيحقق حلمه للشيء اللي سحره وسحرني معاه.
يومها حسيت إن دي لحظتي، وإنّي بحب الأفلام.
لكن علاقتي بالأفلام والفرجة دايمًا فضلت علاقة فردية. من أوضتي، مني للشاشة.
حاولت أحس إني سينمائي عميق وأشوف أفلام في السينما، بس دايمًا كان في إحساس غريب:
إزاي كل الناس دي بتحس بنفس التجربة معايا؟ هل بيحسوها فعلاً زيي؟
هل لما شافوا إسكندرية ليه؟ حَسّوا بنفس الكونكشن دا؟
ولو حاسين، ليه بيتكلموا طول الفيلم؟
مع الوقت اتضحلي إني مبحبش السينما.
تجربة الفرجة تجربة حميمية أوي بالنسبالي، ممكن أشاركها مع ناس بحبهم أو بينا حاجة خاصة — زي الحاجة الخاصة اللي بتبقى بيني وبين الفيلم — بس مقدرش أشاركها مع جمع معرفوش.
ومقدرش أروح السينما لوحدي حتى لو احتجت، لإن دايمًا في حاجة ناقصة بتبوّظ المتعة.
أحيانًا بفكر يمكن صديق، أو حبيب.
بس مع الوقت، بقيت أحس إن كل تجربة في السينما وسط ناس كتير أو غريبة، كل ما الفيلم يقلّ حاجة من حلاوته.
ومع الوقت، عرفت إيه اللي ناقص… السينما.
مويرة علي:
أنا بكره المسؤولية، زي ما أنا بكره إسرائيل كدا.
أنا بكره المسؤولية، بس فتحت مشروع.
المرض دا تضاعف لدرجة مقدرتش أسيطر عليه، فسبت الشغل…
المشروع؟ لا لا، الشغل في الجامعة، والشغل في المكتب، والشغل في السعودية.
كل دول سبتهم وفتحت مشروع.
حاليًا لازم الانتظار من ٣ إلى ٧ أيام عمل عقبال ما أرد على الرسائل…
بس أنا فاتحة مشروع.
فاتحة مشروع إيه؟
بصيغة أدق، أنا شريكة في مشروع.
يعني إيه الكلمة دي؟ الكلمة دي بتوصفني أنا؟
أنا أصلًا عبيطة وبكره المسؤولية.
بس بحب المشروع.
مونيكا منصور:
وأنا صغيرة كانوا دايمًا بيخوفوني من الوحدة.
“شوفي فلانة عايشة لوحدها إزاي؟ شوفي علان محدش بيطلّ عليه إزاي؟”
كأن الوحدة وحش مرعب بياكل كل اللي يقعد معاه.
محدش من الناس دي سأل الأشخاص الوحيدين مبسوطين ولا لأ، مرتاحين ولا الوضع لازم يتغير.
كل اللي احتجت أقوله وقتها: إني محتاجة أبقى لوحدي.
مش عايزة أكون مع حد، ولا عايزة حد يبقى معايا.
بس حتى أنا محدش سمع لي.
كبرت فعلًا وبقيت لوحدي ومبسوطة، زي ما اتمنيت بالظبط.
صحيح حواليا عيلة كبيرة أوي محاوطاني طول الوقت، وحققت كل اللي فكرت فيه وأنا أصغر.
كل الأمنيات تقريبًا حصلت، وفي النص ما ركزتش أوي إني وحيدة.
في زحمة ودوشة وناس وشغل ونشاطات، كل الحاجات أقدر أعملها، والمشاكل أقدر أعدي منها،
بس في الآخر طلعت بخاف من الوحدة.
نعمة خالد:
ساعات بحس إني محتالة، أو مببقاش عارفة أنا جيت هنا إزاي.
أنا 155 سم وفي منتخب الباسكيت!
على مدار السنين اللي فاتت، كل ما بقابل حد جديد كانوا بيدوني نظرة:
“إنتي بتعملي إيه هنا؟! إنتي مش شايفة نفسك؟”
بنلعب ماتش والتاني وبلاقي نفسي بكسب… محدش عارف إزاي، وأنا كمان مش عارفة إزاي.
كل حاجة منطقية بتقول إنه مينفعش.
ناس كتير معايا أشطر مني أو على الأقل في نفس مستوايا،
بس إحساس إني محتالة مش بيفارقني.
يمكن عشان شكلي مختلف، فحلويي ووحشي بيبقوا متشافين أكتر؟
ساعات ببقى عايزة أقولهم إني عادي، بحاول بس أعمل اللي عليا.
مش عايزة حد يقول عليا “أول واحدة 155 سم كسبت جايزة مش عارفة إيه”،
مش عايزة يبقى دايمًا تسليط الضوء عليا دا بس عشان اختلافي.
أنا من الأول هنا عشان بحب الباسكيت،
مش عشان أثبت أي حاجة.
أنا من قلبي فعلًا هنا،
عشان بحب اللعبة الحلوة
تمت الورشة في ستوديو صاد، أكتوبر ٢٠٢٥
شارك في الورشة:
أحمد رجب
إسلام سعيد
عاليا الفقي
فادي سامي
مويرة علي
مونيكا منصور
نعمة خالد
